“الداعشية” ليست للنفط فقط وإنما لإنهاك الجيشين السوري والعراقي..”فتنبهوا”!

ارهابيون في سوريا والعراق

“بلمح البصر” وصلت “داعش” على الموصل، وسيطرت عليها، في مشهد يعيدنا بالذاكرة إلى لحظة وصل قوات الجيش الأميركي إلى بغداد، واحتلالها في 2003.. اللحظة نفسها تكررت حين “تخلى” الجيش العراقي عن حماية أمن العاصمة وهرب، تكرر المشهد أثناء وصول القوات “الداعشية” إلى أطراف نينوى، وغاب أبناء الجيش العراقي، فهل يتكرر سيناريو الاحتلال مرة أخرى في العراق، وما هي آلية الارتباط بين ما يجري في العراق وسوريا؟.

احتلت “داعش” الموصل، وحاولت السيطرة على مناطق أخرى، ما لبث أن استعاد الجيش العراقي قسم كبير منها، ولكن، وبالعودة قليلاً إلى الأحداث التي مر بها العراق، يمكن التدرج ولو ببطء إلى الحالة التي أدت إلى سهولة السيطرة على مناطق عدة في العراق.

لم يعد خافياً، أنّ العراق مرّ بتجارب مريرة، فمشاهد الدم لم تكد تمحى حتى عاد التلوث البصري الدموي ويضيف إليها مشاهد أخرى، أكثر مأساوية، وبكل تأكيد ازدادت تلك المشاهد بعد الانتخابات البرلمانية العراقية، وفوز نوري المالكي بولاية ثالثة، في هذا الوقت، ما انفكت العديد من القوى الخليجية، التي كانت تخاف من إعادة المالكي إلى السلطة، كانت تخشى من استمرار النهج العراقي المؤيد للحكومة السورية، وبالتالي المعادي لأفكارها، والبعيد عن إملاءاتها، وطبعاً من ورائها واشنطن والكثير من الدول الأوربية، ولكن، وبعد نجاح المالكي في الانتخابات، ظهرت تساؤلات عدة، عن كيفية الرد ليس فقط على فوز المالكي، وإنما كوسيلة لبدء ضرب خط المقاومة الذي يمتد من سوريا إلى العراق وحزب الله، ويشمل أيضاً إيران، ربما تكون بوابة الرد من ضرب العراق.. لماذا العراق؟

من الطبيعي ما حصل في العراق، حسب رأي العديد من المتابعين؛ حيث جهدت العديد من الدول في احتواء التغييرات الإستراتيجية التي تحصل في محور المقاومة، عبر ضرب إيران، لتمتد من بعدها إلى سوريا، فمثلاً، اقترب الغرب من إيران في الفترة الماضية كثيراً، وفرضت إيران شروطها، ما يتيح لها التفرغ لتوسيع فضائها الاستراتيجي الحيوي، في وقت، نجحت الانتخابات السورية، وفاز الرئيس بشار الأسد، ويستمر الجيش العربي السوري في حصد المزيد من الإنجازات في الميدان، ما يعني أن تلك الدول عجزت عن تحقيق أي تقدم سواء على صعيد السياسة السورية، أو الميدانية، ولم يبقى أمامها خيار، إلا أن تفكر بوضع “المقاتلين” الذين جندتهم للقتال في سوريا.

أما لماذا العراق؟، وذلك لأنّ تلك الدول عجزت عن تحقيق طموحاتها في كل من العراق وسوريا، ولم يبقى أمامها وعلى وجه الخصوص السعودية، إلا إنهاك الجيشين السوري والعراقي في آن، وذلك عبر الضغط ميدانياً في العراق وسورية معاً لقطع الطريق على الجهات المختصة في البلدين بأن تستثمر نجاحاتهما الأخيرة بعد نجاح انتخاباتهما، وتحقيق نوع كبير من التقدم في ضرب الإرهاب وتحديداً “داعش”.

 من هنا وقع الاختيار على شرق سوريا ووسط العراق لتنفيذ مخطط الضرب، إذ تقوم مناطق ذات لون وطبيعة ديموغرافية مشتركة، وفي تلك المناطق ينشط تنظيم متطرّف يشكل أحد الفروع الأساسية لتنظيم “القاعدة”، والذي أعلن عن سعيه إلى إقامة ما يسمى “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، ولكن، لماذا تم اختيار هذا “التنظيم” تحديداً؟.

الجواب واضح، حتى من بداية اختيار الاسم، “داعش”، التي تضم الحروف الأولى، من العراق والشام، وكما بات معروفاً فقد نشأ “التنظيم” أصلاً في العراق بعد الانسحاب الأميركي منه، ومع اندلاع الأعمال الإرهابية في سوريا، رفع شعار دولة الخلافة الإسلامية، ونفذت”داعش” مخططها، في سوريا، وبالتوازي في بعض مناطق العراق، مستفيدة من الدعم الخليجي للإرهاب في سوريا، ومن خبرات عسكرية مهمة وفرها الضباط العراقيون السابقون سواء بوجودهم في مجلس قيادتها للتخطيط، وإدارة الحرب أو في الميدان للمواجهة العسكرية.

ولأن التنفيذ السريع، كما قلنا في وقت سابق، هو أبز مخططات “داعش”، عملت على تنفيذ مخطط اجتياح سريع بسطت خلالها سيطرتها على منطقة واسعة في وسط العراق من نينوى إلى صلاح الدين والفلوجة ووصلتها بمناطق سيطرتها في سوريا الرقة وريف دير الزور الشرقي،  فهل هذا الاجتياح بداية تهديد وحدة سوريا والعراق؟.

لا شك في أنّ ما حصل حتى اليوم، وإن كانت المعطيات تقول، إنّ كلتا الدولتين قادرتين على امتصاص الصدمة، إلا أنها تمثل تهديداً قوياً لوحدة البلدين، لكن المؤكد، أنّ المواجهة التي ستكون من قبل الجيشين السوري والعراقي، لكبح جماح “داعش” ستكون أقوى، وأسرع من اللحظة نفسها التي بدأت فيها.

إيفين دوبا

أضف تعليق