ي
دخل الفنان دريد لحام موسم رمضان 2014 بتجربة الدراما التاريخية لأول مرة في مسيرته الفنية التي تمتد لخمسين عاماً مضت، يقف أمام كاميرا المخرج السوري المثنى الصبح ليؤدي شخصية “يوسف آغا” في مسلسل “بواب الريح”، عن سيناريو لخلدون قتلان و في لقاء مع صحيفة السفير اللبنانية يصف دريد شخصيته بالقول : “أقدّم في العمل شخصية شيخ كار النحاسين في دمشق، الشخصيّة السوريّة اليهودية، والرجل المسموعة كلمته بين أبناء قومه، وهو شخصيّة وطنيّة متعلّقة بالشام، يحارب ويناضل ضدّ هجرة اليهود الشوام إلى «أرض الميعاد»”.
وتدور أحداث “بواب الريح” في العام 1860، خلال أحداث الفتنة الطائفية التي بدأت في الشوف بين الدروز والمسيحيين، وانتقلت إلى دمشق.
يأتي العملل في سياق اهتمام ملحوظ تعطيه الدراما السوريّة للسوريين اليهود، خلال المواسم الرمضانيّة الماضية.
وعن هذه النقطة يقول دريد : “اليهود جزء لا يتجزأ من النسيج الديموغرافي السوري، وكان لهم نائبان في البرلمان السوري خمسينيات القرن الفائت، فهم سوريون قبل أن يكونوا يهوداً. والفرق كبير بين أن تقول «سوري يهودي»، وأن تقول «يهودي سوري» فالمرء يجب أن ينتمي لوطنه قبل أن ينتمي لطائفته»”.
وعن تجربته التاريخية الأولى من خلال “بواب الريح” يقول دريد لحّام: “ما أحببته في المسلسل أنّه واقعي. وقد عدتُ خلال قراءتي للنصّ، إلى وثائق ومراجع تاريخيّة، وتأكدت من الأحداث التي يعالجها الخطّ الرئيس للمسلسل.
طبعاً هناك ما يتناوله الكاتب ضمن قالب درامي وهذا حقه كونه ليس مؤرّخاً، لكن الأحداث المكتوبة بالمجمل هي موثّقة وواقعيّة”.
من جهة أخرىن فقد لعب أسلوب طرح الشخصيات النسائية في نص”بواب الريح” ، عاملاً مؤثراً لإقناع لحّام في خوض التجربة.
و يقول: “نصّ العمل يحترم المرأة السوريّة، ويحترم نضالها وكفاحها ووجودها في المجتمع. فهي في هذا المسلسل ليست فقط لتُضرب وتنجب، على خلاف الصورة التي تمّ تقديمها في بعض أعمال البيئة الشامية مؤخَّراً”.
وتطرق دريد إلى الطريقة التي طرحت من خلالها المرأة في مسلسلات البيئة الشامية و يصف ذلك بقوله : “قلت لمعظم صنّاع أعمال البيئة الشاميّة إنّها كانت لتكون جيّدة لو لم ينسبوها للشام، ونسبوها إلى نوع الفانتازيا”.
ويضيف: “لكنّ صناع أعمال البيئة الشامية وقعوا في فخّ التاريخ، كونهم تعرّضوا في تلك المسلسلات للاستعمارين العثماني والفرنسي، من دون أن يأخذوا بالحسبان دور المرأة في تلك الحقب.
فمن ينسى المناضلة ثريّا الحافظ التي كانت تخطب بالمتظاهرين في ساحات وشوارع دمشق ضد الاستعمار الفرنسي؟
ومن ينسى نازك العابد التي حملت السلاح إلى جانب البطل الشهيد يوسف العظمة في موقعة ميسلون ضدَّ جيش الاستعمار؟
كل أم في دمشق في تلك الفترة كانت مناضلة، أمي ولدت اثني عشر ولداً ولا أذكر أنها سمعت كلمة نابية من أبي (…). لذلك، أعتقد أنه من الخطأ أن نضع بعض الأعمال في خانة «البيئة الشاميّة»، فهي بيئة من حيث ديكورات المدينة والبيوت والأزياء، لكنّها في المضمون ليست بيئة شاميّة إطلاقاً”.
وعبر نافذته كما تصف “السفير” يحلق بعينيه ويذهب بالحديث نحو “البلد”، وتزامناً مع صوت سقوط قذيفة هاون في منطقة قريبة من مكتب دريد لحام في دمشق، حيث أجري الحديث معه يقول دريد: “سوريا تتعرض لظلم لم يتعرَّض له بلد في العالم إطلاقاً، وتحت مسمّيات كاذبة”.
ويتابع بث محاوه بث ما في قلبه و يقول : “لا أحد منّا ضدّ الحريّة أو ضدّ الديموقراطية؛ بالعكس، فمنذ أيام عملنا في «مسرح الشوك» مع الأستاذ عمر حجو، كنّا نطالب بالحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، لكن ما يجري على الأرض السورية اليوم لا علاقة له بتلك الشعارات،
عندما ترى مسلّحين قادمين من كلّ أنحاء الأرض، تعرف أنَّ الهدف هو تدمير البلد وليس الحرية، فالحرية تعني السوريين وحدهم”.
هنا تسأله “السفير” على مجابهة الكارثة؟
يقول لحام: “الفن يمكن أن يشارك في الحلّ، لكنَّنا اليوم أمام عقول غير قابلة للنقاش، فمن يفجِّر نفسه في سوق لو كان عقله معه، لفكر كيف سيدخل الجنة وهو يتسبب بقتل أطفال وطلاب مدارس وأبرياء؟ لكن للأسف هذا كله تابع للعبة المال القادر اليوم على شراء ضمائر الكثيرين”